الرد على سلسلة شبهات حول ايات القرءان
يسأل شخص غير مسلم ويقول
أنتم أيها المسلمون حيارى, وإلا- فلمَ تطلبون الهداية فى صلاتكم وتقولون: {اهدِنَـا الصرَاطَ المستقيمَ} [الفاتحة:6]؟ وإذا كان الله هو القائل, فكيف يطلب الهداية؟ وممن يطلبها؟
ويجيب العلماء
----------
الهداية نوعان: هداية دَلالة, أى تبيين الحق, وهى لكل الناس, كما دلت على ذلك الآية الكريمة: {وَأَما ثمودُ فهدَيناهمْ فاستحبوا العمى على الهدَى} [فصلت:17], وهداية معونة, وهذه لا تكون إلا للمؤمنين الذين قبلوا هداية الدلالة, وذلك مثل ما ورد عن أصحاب الكهف {إِنهمْ فتيةٌ آمنوا برَبهمْ وَزِدْناهمْ هدًى} [الكهف:13] ولنذكر مثلاً ضربه الشيخ الشعراوى رحمه الله – {وَلِلّهِ المثلُ الأَعلى} – إذا كنت مسافراً ومررت بمنطقة يقف عندها رجل مرور يحذِّر الناس من السير فى طريق معين, ويدلهم على الطريق السليم, فدلالته هذه تسمى (هداية دلالة) لأنه أرشدك, وبين لك الطريق السليم من الطريق الخطر, فإذا امتثلت لأمره, وسمعت كلامه, ومشيت فى الطريق السليم, أعانك, وأرسل معك من يساعدك على السير فى هذا الطريق, وربما ذهب معك بنفسه ليذلل لك بعض العقبات التى تجدها فى هذا الطريق, فهذه تسمى (هداية معونة) أما إذا ضربت بكلامه عرض الحائط, وسرت فى الطريق الذى حذرك منه, فإنه يتركك وشأنك. فنحن نطلب هداية المعونة لأننا – والحمد لله رب العالمين – قد قبلنا هداية الدلالة, ولكننا محتاجون دوامها, والمعونة عليها, فإن القلوب بيدى الله عز وجل يقلبها كيف يشاء, وقد علمنا الله سبحانه وتعالى أن نقول: {رَبنا لاَ تزِغْ قلوبنا بعدَ إِذْ هدَيتنا وَهبْ لنا من لدُنكَ رَحمةً إِنكَ أَنتَ الوَهابُ} [آل عمران:8] وقد كان أكثر دعاء الرسول ((يا مقلب القلوب ثبت قلبى على دينك)) فقيل له فى ذلك, فقال: ((إنه ليس آدمىٌّ إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله, فمن شاء أقام, ومن شاء أزاغ)) [سنن الترمذى, صحيح الجامع:4801] أما كيف يقول الله: {اهدِنــــا} فإن الله جل وعلا يعلمنا كيف ندعوه بالطريقة التى ترضيه, فلم يتركنا لنحتار ولا ندرى كيف ندعوه, وربما دعوناه بما لا يليق به سبحانه وتعالى, أو اختلفنا فيما بيننا فتختلف عبادتنا, ويظن كل واحد منا أن دعاءه أفضل من دعاء الآخرين. وهذا الدعاء الجماعى {اهدِنـا} يشعرنا بما فيه من حب الخير والهداية والفوز لجميع المسلمين, كما أنه أصلح لصلاة الجماعة, حيث لا ينفع فيها أن يقول الإمام (اهدنى) إذ كيف يخص نفسه بالدعاء دون غيره؟, والله أعلم.