ي البداية والنهاية للإمام إسماعيل بن كثير الدمشقي
قال البخاري رواه عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم.
وقد قال الإمام أحمد حدثنا حجاج ثنا ليـث عن سعيد بن أبى سعيد عن أبى هريرة قال لما فتحت خيبر أهديت للنبي صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اجمعوا لي من كان هنا من اليهود" فجمعوا له، فقال لهم النبي "هل أنتم صادقي عن شيء إذا سألتكم؟"
فقالوا: نعم يا أبا القاسم
فقال: "هل جعلتم في هذه الشاه سماً؟"
فقالوا: نعم
قال: "ما حملكم على ذلك؟"
قالوا: "أردنا إن كنت كاذباً أن نستريح منك وإن كنت نبياً لم يضرك".
وفى الصحيحين من حديث شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك قالت أردت لأقتلك فقال "ما كان الله ليسلطك علي" أو قال: "على ذلك"
قالوا: ألا تقتلها
قال: "لا"
قال أنس: فمازلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال الزهري عن جابر واحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي توفى منه فقال: (مازلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاة يوم خيبر، حتى كان هذا أوان انقطاع أبهري) فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم شهيداً.
قال ابن هشام الأبهر العرق المعلق بالقلب
قال فإن كان المسلمون ليرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات شهيداً مع ما أكرمه الله به من النبوة.
لسان العرب لابن منظور:
الأبهر: عرق في الظهر مستبطن الصلب والأبهر عرق إذا انقطع مات صاحبه والأبهر عرق مستبطن في الصلب والقلب متصل به فإذا انقطع لم تكن معه حياة.
التلخيص:
(1) أن امرأة تدعى زينب بنت الحارث قدمت شاه مصْلِيَّة مسمومة للرسول صلى الله عليه وسلم فأكل منها.
(2) أن الذراع أخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها مسمومة.
(3) أن الرسول أخبر في مرضه الذي توفى فيه أن هذا أوان انقطاع الأبهر منه صلى الله عليه وسلم من أثر الشاة المسمومة.
(4) إن كثيراً من علماء الأمة وسلفها يرون أن الرسول مات شهيداً وأن الله أنعم عليه بالشهادة بجانب النبوة.
(5) الأبهر: عرق يتصل بالقلب ويمر بالصلب والأبهر هو ما نسميه طبياً الأورطى.
يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد أن النبي بقى بعد هذا الحادث ثلاث سنين حتى قال في وجعه الذي مات فيه: مازلت أجد من الأكلة التي أكلت من الشاه يوم خيبر فهذا أوان انقطاع الأبهر منى.
قال الزهري: فتوفى صلى الله عليه وسلم شهيداً.
من استعراض القصة في كتب السيرة تبرز لنا عدة أسئلة؟
السؤال الأول:
هل نستطيع أن نعرف نوع السم الذي وضعته زينب بنت الحارث للرسول صلى الله عليه وسلم في الشاة؟
هذا السم:
(1) يستخدم من آلاف السنين ومعروف في الجزيرة العربية.
(2) يظهر أثره في اللهوات كما قال أنس رضى الله عنه.
إذن ما هو السم الذي استخدم من آلاف السنين وتظهر علامته على اللهوات؟
اللهوات: قالت عائشة رضى الله عنها "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً حتى أرى منه لهواته إنما كان يبتسم" صحيح مسلم
اللهوات: جمع لهاة وهى اللحمة الحمراء المعلقة في أعلى الحنك قاله الأصمعي.
وفى فتح الباري للإمام ابن حجر العسقلاني في التعليق على حديث وفاة الرسول وقصة الشاة المسمومة التي قدمت للرسول صلى الله عليه وسلم بخيبر – يقول ابن حجر أما قول أنس فمازلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم "فاللهوات جمع لهاة وهى اللحمة المعلقة في أصل الحنك وقيل هي ما بين منـقطع اللسان على منقطع اصل الفم وهذا هو الذي يوافق الجمع المذكور.
ومراد أنس رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم كان يعتريه المرض من تلك الأكلة أحياناً وهو موافق لقوله في حديث عائشة "ما أزال أجد ألم الطعام".
ويقول ابن حجر ويحتمل أن يكون أنس أراد أن يعرف ذلك في اللهوات بتغيير لونها أو بنتوء فيها (قاله الطبري)
وفى صحيح مسلم بشرح النووي وأما اللهوات فبفتح اللام والهاء: جمع لَهات بفتح اللام وهى اللحمة الحمراء المعلقة في أصل الحنك "قاله الأصمعي" وقيل اللحمات اللواتي في سقف الفم.
وقوله (مازلت أعرفها) أي العلامة كأنه بقى للسم علامة وأثر من سواد أو غيره.
من المعلوم طبياً في علـم السموم أن السم الذي يترك أثراً على أصل الحنك واللثة هو المواد الثقيلة (Heavy metals) مثل الزرنيخ (Arsenic) والقصدير (Lead).
فهل استخدم الزرنيخ أو القصدير (Arsenic - Lead) منذ سنوات عديدة كسم زعاف – وهل يترك كلاهما أثراً على اللهوات؟