معنى قوله تعالى وكان عرشه على الماء ------------------------------------------------- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
{وَهوَ ٱلذِي خلق ٱلسماوَاتِ وَٱلأَرْضَ فِي ستةِ أَيامٍ وَكانَ عرْشهُ على ٱلمآءِ ليبلوَكمْ أَيكمْ أَحسنُ عملاً وَلئن قلتَ إِنكمْ مبعوثونَ من بعدِ ٱلموْتِ ليقولنَّ ٱلذِينَ كفرُوۤاْ إِنْ هـٰذَآ إِلاَّ سحرٌ مبينٌ * وَلئنْ أَخرْنا عنهُمُ ٱلعذَابَ إِلىٰ أُمةٍ معدُودَةٍ ليقولنَّ ما يحبسهُ أَلاَ يوْمَ يأْتيهِمْ ليسَ مصرُوفاً عنهُمْ وَحاقَ بهِم ما كانواْ بهِ يستهزِءُونَ }
يخبر تعالى عن قدرته على كل شيء وأنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام وأن عرشه كان على الماء قبل ذلك كما قال الإمام أحمد: حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبلوا البشرى يابني تميم» قالوا: قد بشرتنا، فأعطنا، قال:
«اقبلوا البشرى ياأهل اليمن قالوا: قد قبلنا. فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان ؟ قال: «كان الله قبل كل شيء، وكان عرشه على الماء، وكتب في اللوح المحفوظ ذكر كل شيء»
قال: فأتاني آت فقال: ياعمران انحلت ناقتك من عقالها، قال: فخرجت في إثرها فلا أدري ما كان بعدي، وهذا الحديث مخرج في صحيحي البخاري ومسلم بألفاظ كثيرة فمنها قالوا: جئناك نسألك عن أول هذا الأمر فقال:
«كان الله ولم يكن شيء قبله وفي رواية ـ غيره ـ وفي رواية ـ معه ـ وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء، ثم خلق السماوات والأرض»
.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء»
وقال البخاري في تفسير هذه الآية: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب أخبرنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«قال الله عز وجل أنفق أنفق عليك» وقال: «يد الله ملأى لا يغيضها نفقة، سحاء الليل والنهار» وقال: «أفرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه وكان عرشه على الماء، وبيده الميزان يخفض ويرفع»
.
وقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين واسمه لقيط بن عامر بن المنتفق العقيلي قال:
قلت: يارسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه قال:
«كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق العرش بعد ذلك»
وقد رواه الترمذي في التفسير وابن ماجه في السنن من حديث يزيد بن هارون به وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وقال مجاهد {وَكانَ عرْشُهُ على ٱلماء }[هود:7] قبل أن يخلق شيئاً، وكذا قال وهب بن منبه وضمرة بن حبيب وقتادة وابن جرير وغير واحد، وقال قتادة في قوله {وَكانَ عرْشهُ على ٱلماء }[هود:7] ينبئكم كيف كان بدء خلقه قبل أن يخلق السماوات والأرض، وقال الربيع بن أنس {وَكانَ عرْشهُ على ٱلماء }[هود:7] فلما خلق السماوات والأرض قسم ذلك الماء قسمين فجعل نصفاً تحت العرش وهو البحر المسجور.
وقال ابن عباس: إنما سمي العرش عرشاً لارتفاعه، وقال إسماعيل بن أبي خالد سمعت سعداً الطائي يقول: العرش ياقوتة حمراء، وقال محمد بن إسحاق في قوله تعالى: {وَكان عرشهُ على الماء }[هود:7] فكان كما وصف نفسه تعالى إذ ليس إلا الماء وعليه العرش وعلى العرش ذو الجلال والإكرام، والعزة والسلطان، والملك والقدرة، والحلم والعلم، والرحمة والنعمة الفعال لما يريد، وقال الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال: سئل ابن عباس عن قول الله: {وَكانَ عرْشهُ على ٱلماء }[هود:7] على أي شيء كان الماء ؟ قال على متن الريح، وقوله تعالى: {ليبلوَكمْ أَيكمْ أَحسنُ عملاً }[هود:7] أي خلق السماوات والأرض لنفع عباده الذين خلقهم ليعبدوه ولا يشركوا به شيئاً ولم يخلق ذلك عبثاً كقوله {وَما خلقنا ٱلسماء وَٱلاْرْضَ وَما بينهما بـٰطلاً ذٰلكَ ظنُّ ٱلذِينَ كفرُواْ فوَيلٌ للذِينَ كفرُواْ منَ ٱلنار
وقال تعالى: {أَفحسبتمْ أَنمَا خلقنـٰكمْ عبثاً وَأَنكُمْ إِلينا لاَ ترْجعُونَ * فتعـٰلى ٱللَّهُ ٱلملكُ ٱلحقُّ لاَ إِلـٰهَ إِلاَّ هوَ رَبُّ ٱلعرْشِ ٱلكرِيمِ }[المؤمنون:511، 611] وقال تعالى: {وَما خلقتُ ٱلجنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ ليعبدُونِ }[الذاريات:65] الآية وقوله {ليبلوَكمْ } أي ليختبركم {أَيكمْ أَحسنُ عملاً }[هود:7] ولم يقل أكثر عملاً، بل أحسن عملاً ولا يكون العمل حسناً حتى يكون خالصاً لله عز وجل على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمتى فقد العمل واحداً من هذين الشرطين حبط وبطل.